أهمية الإجازة في حفظ القرآن الكريم
إن كتاب الله تعالى شافعًا للأمة يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم، ويرفع من منزلته ودرجة في الجنة حتى يرتقي بمجاورة نبي الله صلى الله عليه وسلم، ولحفظُه أثر كبير في الحياة وبعد الممات، لا سيّما من نال الإجازة في حفظ القرآن الكريم.
ما معنى الإجازة في القراَن الكريم؟
استطاع المسلمين الإلمام بأهمية حفظ كتاب الله في الدنيا والآخرة، فهي الشفيع لنا عنده تعالى، وحصلت كثير من النماذج على الإجازة في حفظ القرآن الكريم، فهل تعلم ما هي؟
الإجازة شهادة يمنحها المُجيز للطالب، بأنه كان مُعينًا له على حفظ القرآن الكريم بقراءته بالكامل بالترتيل، مع التجويد وشرح كيفية إتقانه، وتوضيح الفرق بين المتشابهات في الآيات، وبهذه الشهادة رُخصة في التأهيل للقراءة ومساعدة الغير على الحفظ.
شروط الإجازة
إن الإجازة في حفظ القرآن الكريم شهادة مهمة يحصل عليها المُجيز لنشر العِلم ومساعدة المسلمين على حفظ كتاب الله تعالى، ويسمح له بأن يقرأ ويُقرئ غيره، ولهذا لا يحصل عليها أي شخص، بل لا بُد من توافر شروط في المجاز والمجيز أيضًا:
1- شروط المجاز
المُجاز هو القارئ والراغب في حفظ كتاب الله تعالى، والقدرة على إفادة الغير في الحفظ، والقراءة، ويجب أن تتوافر فيه الشروط التالية:
- العدالة والمروءة، وألا يُعرف بالفسق، فهو سيكون حاملًا لكتاب الله تعالى ويُعرف بتعليمُه بين الناس.
- القدرة على إتقان حفظ القرآن الكريم، وكيفية تلاوته، وإتقان مخارج الحروف جيدًا.
- نيل ضبط الحفظ والقراءة، فيجب أن تكون صحيحة دون زيادة أو نقصان.
- النية، والرغبة في نيل شرف الإجازة في القرآن الكريم، فيجب أن يكون الحفظ عن ظهر قلب.
- البلوغ، والإسلام، والعقل، فلا يقدر الصبي أو المجنون على إتقان الحفظ وتعليم الآخرين كذلك.
- قراءة القرآن ببطء خلف المجيز حرفًا حرفًا لضمان الحفظ الصحيح، مع التدريب المستمر على القراءة والتسميع.
- التأدب مع المجيز، والحاضرين، والاهتمام بالاستماع والتركيز.
- الإخلاص، والتحلي بالأخلاق الحميدة، فلا بُدّ أن يُعرف بين الراغبين في تلقي الإجازة أنه من أحسن الناس، والأكثر تواضعًا.
- الاعتناء بالمظهر العالم، ونظافة الجسم والثياب.
- فهم أصول التجويد، والمقدمة الجزرية تحديدًا، فستُساعده على الإلمام بالضوابط المطلوبة دون تقييد.
2- شروط المجيز
هو المُقرئ الذي يساعد القارئ على حفظ القرآن، ولا بُد أن تتوافر فيه شطر من الشروط، منها:
-
- البلوغ، والعقل، والإسلام.
- أن يُعرف بالعدالة، والمروءة.
- نيلُه العِلم الشرعي.
- الإجادة التامة لقراءة وكتابة اللغة العربية.
- حفظ القرآن الكريم بالكامل، مع دراسة أصول القراءات.
- إتقان التجويد وأحكامُه، والقدرة على قراءة القرآن بالتجويد.
- الإلمام بأسانيد القراء، وأيضًا سائر علوم القرآن الكريم وتفسيرُه.
- الرفق بالمجاز؛ واللين في التعامل معه، والاعتناء به حتى نهاية الشهادة.
- التقرب من المجازين، وعيادة من يمرض منهم، ومنحهم النصائح اللازمة في حياتهم.
- عدم المباهاة أمام المجازين، بل لا بُد أن يتسم بالتواضع.
- الإخلاص بتعليم القرآن الكريم، والتقرب لله تعالى مرضاةً له.
- عدم تكريه المجازين في أهمية نفع غيرهم بقراءة وحفظ كتاب الله.
أهمية الإجازة القرآنية
إن الإجازة في حفظ القرآن الكريم لها أهمية بالغة لا بُد أن يعي لها المُسلمين جميعًا، مع الإسراع لنيل شرف انضمامُه لحفظة القرآن وإجادة ترتيلُه، من أهميتها:
- إتقان قراءة القرآن بالكامل بالتجويد دون خطأ، والإجازة تُساعده على الرغبة في الحفظ بشكل أفضل، والتعلم بشكل أوسع.
- القدرة على تعليم القرآن من قراءة وحفظ للآخرين.
- نيل شرف حمل كتاب الله تعالى، وحفظه، وبهذا ينال المكانة الكبيرة عند الله، مع الثواب العظيم في الآخرة.
- ينال أجر كبير في الدنيا والآخرة لمساعدته للآخرين على الحفظ والقراءة.
- الاتصال بإسناد الله تعالى؛ لأنها ضمن أسانيده صلى الله عليه وسلم، ويُعدّ من الناقلين للقرآن بالسند المتصل بالنبي.
كيفية الحصول على إجازة في القراَن الكريم
جرت العادة بين المجيزين على أن يساعدوا المجال بالحصول على الشهادة والتلقين ببعض الأمور اللازم اِتباعها، وتكون:
- بدايةً يبدأ في حفظ القرآن بإتقان، مع دراسة متن التجويد، وهذا يساعده الإلمام على ما سيُعلمه القارئ.
- اختيار أي من قراءات الإجازة المُرادة، فمنها برواية واحدة وتكون: “رواية حفص، أو ورش، أو قالون”.
- شراء متن الشاطبية للقراءات السبع، ودراسته دراسة وافية، فستساعده على القراءة بشكلٍ صحيح.
- القراءة ختمة كاملة غيبية أو حاضرة أمام المجيز، وتلقي الأخطاء وتصحيحها، مع الاهتمام بالأوجه والشواهد اللازمة في القراءة.
- بعض المجيزين يرون أهلية المُجاز في الحصول على الإجازة غيبًا دون تلقي أيضًا؛ بعد النجاح في الاختبار الذي يخضع له.
أنواع الإجازات في القراَن
الإجازة في حفظ القرآن الكريم لها ست صور، يختار المجاز الأنسب له:
- العرض والسماع: هي أقوى مراتب الإجازة، وهُنا يقرأ المجيز ويستمع المجاز، ثم يقرأ المجاز ويستمع المجيز.
- العرض فقط: في المرتبة الثانية، وهُنا يقرأ المجاز ويستمع له المجيز ويصحح له أخطائه الظاهرة.
- السماع فقط: من المراتب النادرة، ففيها يقرأ المجيز ختمة كاملة ويستمع لها الطالب.
- الإجازة بالاختبار: قبل بدء الإجازة والقراءة يخضع المجاز لاختبار من المجيز بأوجه القراءة المختلفة في مواضع عِدة، ثم يحدد له الأنسب.
- الإجازة ببعض القرآن: تكون في آيات محددة ليست في القرآن بالكامل، يقرأ المجيز ويستمع له المجاز.
- الإجازة بالمكاتبة: وتكون بإرسال المجيز للمجاز رسالة إجازة، حتى وإن لم يستمع ويتلقى منه ولو حرف، فيكفي العِلم بأهليته، وهي أدنى المراتب.
صحة الإجازة في القرآن الكريم والسنة النبوية عن بُعد
في عصر تطورت فيه التكنولوجيا واجتياحها لسائر الأنشطة والواجبات، فالبعض توجه للحصول على الإجازة من المجيزين عن بُعد، ولا بأس من ذلك؛ لأنه حينها يُشبه القراءة على العميان من المقرئين، فلا حاجة لوجود المجيز حاضرًا ما دام يتلقى منه يشكل صحيح، لكن لا بُد من انتقاء المجيز بشكلٍ جيد، لا من بين أشياخ المقرئين.
نصائح لحفظ القرآن والحصول على الإجازة
الطريق لن يكون هينًا على المجيزين، بل إنه شاق والبعض يشعر بصعوبته ولا يستكمل الإجازة حتى إتمام قراءة المصحف كاملًا، ولهذا ثمَّة نصائح ستُعين المُجاز على الحفظ والقراءة:
- لا بُد من تخصيص ورد يومي من القرآن، ويبدأ في قراءته أمام المجيز، وتسميعُه غيبًا.
- ما بعد صلاة الفجر وقت سحري لقراءة القرآن وتلاوته بالتجويد، وضمان ثبوته في العقل.
- يجب أن يكون المجاز متبعًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، محافظًا على الصلوات الفروض وغيره من الطاعات.
- الحرص على قراءة الورد المحفوظ في السنن، وقيام الليل، والصلوات الجهرية.
- البحث عن تفسير الآيات وتدبر معانيها يُساعد على الحفظ، لا سيّما مع إتقانه بالتجويد.
إن الإجازة في حفظ القرآن الكريم مهم أن يحصل عليها المسلم الراغب في نيل الأجر العظيم عند الله تعالى، وأداء الطاعات والفروض، والتقرب منه تعالى، فهو بداية طريق الهداية.
مدونة الكُتّاب لتعليم القرآن الكريم وأحكام التجويد وإتقانه للصِغار والكِبار، والاعتناء بالآداب الإسلامية علمًا وعملًا بالأخلاق الحميدة، ونتطلع لمساعدة الراغبين في نيل شرف الحفظ والترتيل للقرآن الكريم، فنحافظ على العناية بالقراءة والحفظ والتجويد والتفسير، وستجد معنّا سائر الوسائل لإتقانه وفهمِه.